سورة النحل - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النحل)


        


قوله جلّ ذكره: {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ}.
اتصفوا بالمكر فحاق بهم مَكْرُهم، ووقعوا فيم حفروه لغيرهم، واغتروا بطول الإمهال، فأخذهم العذابُ من مأْمَنِهم، واشتغلوا بِلهوهِم فَنَغَّصَ عليهم أطيب عَيْشهم:
قوله جلّ ذكره: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ القَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وََأَتَاهُمُ العَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ}.
الذي وصف نفسه به في كتابه من الإتيان فمنعاه العقوبة، وذلك على عادة العرب في التوسع في الخطاب.
وهو سبحانه يكشف الليلَ ببَدْره ثم يأخذ الماكر بما يليق بمَكْره، وفي معناه قالوا:
وأَمِنْتُه فأَتَاحَ لي من مأْمَني *** مكْراً كذا مَنْ يَأْمَنُ الأياما


في الدنيا عاجلُ بلائهم، وبين أيديهم آجِلُه. وحَسْرةُ المُفِلس تتضاعف إذا ما حُوسِبَ، وشاهَدَ حاصِلَه.
{قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ...}: يُسْمِِعُ الكافرين قولَ المؤمنين، ويبيِّن للكافة صِدْقَهم. ويقع الندمُ على جاهلهم. وأما اليومَ فعليهم بالصبر والتحمُّل، وعن قريب ينكشف الغطاء، وأنشد بعضهم:
خليليَّ لو دارت على رأسِيَ الرَّحى *** من الذُّلِّ لم أَجْزَعْ ولم أَتَكلَّمِ
وأطرقتُ حتى قيل لا أعرفُ الجفا *** ولكنني أفصحتُ يومَ التكلُّمِ


{ظَالِمِى أَنْفُسِهِمْ}: بارتكاب المعاصي وهم الكفار.
{فَأَلْقُوا السَّلَمَ}: انقادوا واستسلموا لحكم الله.
{مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ}: جحدوا وأنكروا ما عملوا من المخالفات.
{بَلَى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}: هكذا قالت لهم الملائكة، ثم يقولون لهم: {فَادْخُلُوا أَبْوَابَ...}: وكذلك الذين تقسو نفوسُهم بإعراضهم عن الطاعات إذا نزَلَتْ بهم الوفاةُ يأخذون في الجزع وفي التضرع، ثم لا تطيبُ نفوسهم بأن يُقِرُّوا بتفاصيل أعمالهم عند الناس، فيما يتعلق بإرضاء خصومهم لم أَخَلُّوا من معاملاتهم، ثم الله يؤاخذهم بالكبير والصغير، والنقير والقطمير، ثم يبقون أبداً في وبال ما أحقبوه، لأن شؤم ذلك يلحقَهم في أُخراهم.

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12